صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

الممارسة البرلمانية الجديدة من خلال الخطاب الملكي السامي



وفقا لمقتضيات الدستور افتتح جلالة الملك محمد السادس الدورة الخريفية برسم السنة الثانية من الولاية التشريعية التاسعة بخطاب جامع مانع حدد فيه جلالته مستلزمات العمل البرلماني في ضوء الظروف الراهنة التي تجتازها البلاد، والتي تتطلب الارتقاء بممارسة البرلمان لمهامه تحت طائلة التحول الايجابي الذي يواكب الاصلاح الدستوري ويتوخى كسب الرهانات الكبرى التي تنتظر الولاية التشريعية الحالية ، ومن ذلك الانكباب على بلورة مدونة اخلاقية تقوم على ترسيخ قيم الوطنية الحقة و ايثار الصالح العام، كما حث العاهل الكريم اعضاء البرلمان على استكمال مقتضيات الدستور عبر مناقشة متأنية و مسؤولة لمشاريع القوانين التنظيمية التي تم انجازها ، وأخرى منجزة او في طريق الانجاز وهي ذات صبغة عادية.
ومما ورد في ذات الخطاب بخصوص تجديد الممارسة البرلمانية وتطويرها : ( لقد تحقق هذا التجديد على وجه الخصوص بإصلاح دستوري ارادي،تم انضاجه عبر مسار طويل،كما تعزز ببرلمان جديد، ان في مستوى مكانته او في نظامه او في سلطاته. وعلاوة على المنزلة الرفيعة التي يحظى بها في الصرح المؤسسي الدستوري،فانه اضحى مصدرا وحيدا للتشريع الذي اتسع مجاله،فضلا عما اصبح له من اختصاص في اقرار القوانين التنظيمية الهادفة الى تفعيل المقتضيات الدستورية، خصوصا ما يتعلق بمواده الاكثر حساسية و استراتيجية، حتى انه في بعض الحالات وبمبادرة ملكية من جلالتنا ،فان البرلمان يكون مؤهلا للقيام بمراجعة دستورية دون المرور عبر الاستفتاء ) وهذه الاخيرة تعتبر اضافة نوعية يجدر التنويه بها و اعتبارها تحميلا للبرلمان مهام اتخاذ المبادرة عند الاقتضاء بشان تعديل الدستور على غرار ما يجري به العمل في الانظمة الديمقراطية العريقة.
وركز جلالته ايضا على ضرورة تخليق العمل البرلماني بقوله:  ( لا يخفى عليكم ما يقتضيه هذا التقدم الديمقراطي الوازن من متطلبات جديدة، كما ان ترجمته على ارض الواقع وتحقيق الجدوى منه لن يتسنى دون المزيد من البذل و العطاء و التحلي بقدر عال من الوعي و التعبئة و انكار الذات، وهو ما يقتضي القطيعة مع الممارسات المتجاوزة و التطوير الجذري للممارسة البرلمانية ،وأهاب جلالة الملك بالبرلمانيين ان يتحلوا بما يلزم من الحزم و الشجاعة في انتهاج هذه الممارسة المنشودة، وان يكون البرلمان فضاء للحوار البناء و مدرسة للنخب السياسية و مجالا لتحقيق المصالحة مع كل من اصيب بخيبة امل في العمل السياسي وجدواه في تدبير الشان العام.
وفي هذا السياق يتعين وضع نظام محكم و مضبوط للتنسيق بين مجلسي البرلمان، ومعلوم ان مجلس المستشارين يمرحاليا من مرحلة انتقالية، ريثما يتم تنظيم الانتخابات الجماعية و المهنية المقبلة التي ستفرز مجلسا جديدا يتماشى في تركيبته وصلاحياته مع الدستور الحالي، و هناك ايضا ترشيد الحوار الدائم و المتوازن بين الحكومة و البرلمان قوامه الاحترام التام لخصوصية وصلاحيات كل منهما،و السير في اتجاه الديمقراطية التشاركية التي لا تستثني المجتمع المدني و عموم المواطنين من المشاركة في اثراء الحوارات المجتمعية والتشريع ومراقبة عمل الحكومة، علما بان المؤسسة التشريعية اصبحت تتوفر على كافة الوسائل التي من شانها امتلاك الاهلية للإسهام الفاعل و المؤثر في الرفع من الدور الدبلوماسي للمملكة على الصعيد الدولي ،وخاصة فيما يتعلق بالدفاع عن ملف الوحدة الترابية و مواجهة تداعيات النزاع المفتعل مع الجزائر بهذا الخصوص، وهذا الجانب يستحث البرلمانيين تعبئة قدراتهم من اجل اعطاء دينامية نشيطة للدبلوماسية البرلمانية التي تتجلى فاعليتها في الحوار الذي تعقده مع ممثلي شعوب العالم، ويدخل ذلك في اطار مضامين الممارسة البرلمانية الجديدة

 

عبد الغني القاسمي

معاريف بريس

www.maarifpress.com

 

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads