تدخلت النائبة البرلمانية الدكتورة بشرى المالكي، ضمن أشغال لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، في الجلسة المخصصة لمناقشة مشروع القانون الإطار 13 .97 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض فيها، مركزة على الثغرات والمغالطات والنقائص التي تعتري مشروع القانون المذكور في تصوره ومواده، ونظرته التدبيرية.
” لمناقشة مشروع القانون الإطار 13 .97 ، يجدر بنا أولا التذكير تقوق – الدكتورة بشرى المالكي – بموقف بلدنا من حقوق هذه الفئة من المواطنين، والمتمثل في:
– مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي إعاقة، وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بها، مما يشكل مرجعية أساسية في التعامل مع ملف الإعاقة. خاصة وأن ديباجة الاتفاقية المذكورة تنص على ضرورة مساهمة الفئة المعنية في اتخاذ القرارات بشأن السياسات والبرامج التي تهمها مباشرة.
– تأكيد دستور سنة 2011 على مركزية الحقوق الأساسية لجميع المواطنين، وضرورة اعتماد “المقاربة التشاركية” للتعامل مع حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
وبالرجوع إلى الكيفية التي تم بها إعداد مشروع القانون الإطار، يتضح عدم احترامه لهذا الإطار المرجعي، من زاويتين:
– عدم احترام الالتزامات الدولية للمغرب، وذلك لعدم إشراك المعنيين بالأمر في العملية التقريرية.
– عدم تفعيل “الديموقراطية التشاركية” وتغييب إشراك الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، كما تنص على ذلك الفقرة الأخيرة من الفصل 12 من الدستور.
من جانب آخر، وعلى مستوى المبادئ والأهداف، نجد أن مشروع القانون الإطار يستند على الفصل 34 من الدستور المتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة. وفي هذا مغالطة كبرى. لأنه ينبغي التمييز بين مشروعية الحقوق المسطرة في جميع مواد الدستور، والتي تهم جميع المواطنين على حد سواء، ومن ضمنهم الأشخاص في وضعية إعاقة؛ وبين تسهيل الولوج إلى هذه الحقوق. وبعبارة أخرى، لا ينبغي الاقتصار على الفصل 34 من الدستور، لأنه لم يأت لتأسيس حقوق جديدة، وإنما لتسهيل الولوج إلى الحقوق الأساسية.
بعد هذه الملاحظات العامة المشتركة بين العديد من الفاعلين في مجال الإعاقة، نأتي إلى مقاربة التصور المتحكم في بناء المشروع الإطار، انطلاقا من بعض مواده:
تنص المادة السابعة على الدولة تضع بشراكة مع القطاع الخاص نظاما للدعم الاجتماعي متوقفا على الإمكانيات المتاحة. وهذا يعني أنه نظام إحساني، مؤقت، غير ملزم، ولا يقوم على أسس وقواعد حديثة. وانتظار توفر الإمكانيات يجعله نظاما معلقا، يستعصي دمجه في أنظمة التأمين أو الحماية الاجتماعية، لتعويض الأشخاص في وضعية إعاقة عن احتياجاته الخاصة كحق من حقوق الأساسية.
تنص المادة التاسعة على استفادة الأشخاص المعاقين من مجموعة من الخدمات وتحيل تحديدها إلى نص تنظيمي. هذه الإحالة متناقضة مع الفصل 31 من الدستور الذي ينص تمتيع جميع المواطنين بهذه الخدمات. وإذن لا مبرر لاستثناء هذه الفئة دون سواها. أكثر من هذا تنص الفقرة الأخيرة من الفصل 34 على إعادة التأهيل والإدماج وتيسير الولوج إلى الخدمات كحق مكفول ومنظم من الدستور. الخلط الذي يعتري المشروع الإطار هو اعتبار الحقوق الأساسية خدمات إضافية، تحتاج إلى التنظيم وفق الإمكانيات المتوفرة.
يؤكد المشروع الإطار في مادته 15 على أنه لا يجوز حرمان أي شخص في وضعية إعاقة من حقه في الشغل، إذا ” توفرت فيه المؤهلات اللازمة للاستفادة من هذا الحق”. وفي هذا خرق للمادة 27 من الاتفاقية الدولية التي تحظر التمييز على أساس الإعاقة. نسجل هنا أيضا أن المشروع الإطار يفتقر إلى الجرأة السياسية، من أجل التنصيص على ضرورة احترام القدرات الخاصة للأشخاص ذوي إعاقة في ما يسند إليهم من أعمال، كما هو الشأن بالنسبة لبعض التشريعات التي ألزمت القطاع الخاص بإدماج حصة محددة. كالتشريع التونسي.
تشير المادة 21 إلى امتيازات تمنح للمعاقين، في حين لا يتعلق الأمر بامتيازات، بل بأولويات تسهل الولوج إلى الاستفادة من حقوق ينظمها ويحميها الدستور. ملاحظتنا تنسجم مع ما أوردناه سابقا من كون المشروع لم يأت بحقوق جديدة.
على مستوى التدبير الحكومي يسعى المشروع الإطار إلى معالجة الملفات من خلال التنسيق بين مختلف القطاعات المتدخلة في الموضوع – النقل، التعليم، العدل،…- دون أن يقدم الكيفيات والتدابير الكفيلة بخلق الانسجام والتكامل بين مختلف المتدخلين، أو يقوم بتحديدهم بدقة، أو حصر مستوى ودرجة تدخلهم، كما لا يضع آليات للتتبع والتقويم وقياس درجة الفعالية والنجاح. أي أن المشروع يهدف إلى حماية الأشخاص في وضعية إعاقة دون أن يقدم الآليات والأدوات والإمكانيات لتحقيق هذه الحماية أو الارتقاء بهذه الفئة من المواطنين.
وفي الختام، ومساهمة في تطوير المشروع الإطار، نرى من الضروري احترام المرجعية الوطنية والدولية، وإشراك المتدخلين والفاعلين، من أجل بناء نظام للحماية الاجتماعية على أسس وقواعد حديثة. وينبغي النظر إلى الإعاقة على ضوء سياسة اجتماعية مندمجة، تطرح إشكالية الإعاقة ضمن إطار التنمية المجتمعية المستديمة والشاملة؛ كما نقترح، على مستوى التدبير، خلق آلية أو وكالة وطنية لتنسيق مساهمات المتدخلين ومجموع البرامج المرتبطة بإشكالية الإعاقة. وبعبارة أخيرة لا يمكن عزل موضوع الإعاقة عزلا تقنيا ومعالجة الملفات المتناثرة هنا وهناك، دون ربطه بنظرة استشراقية مستقبلية تعتبر الإعاقة جزءا لا يتجزأ من إشكالية التنمية.
معاريف بريس
www.maarifpress.com