صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

الحكومة ورهانات الأوراش الكبرى


رغم كل الانتقادات الموضوعية الموجهة إلى الحكومة المغربية الجديدة ، فإنها تبقى مطالبة على سبيل الاستعجال ، بالانكباب على الأوراش الكبرى التي تمثل عصب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي ناضل من أجلها الشعب المغربي بكافة تلويناته و أطيافه الحزبية و الجمعوية والحقوقية.
وتتلخص هذه الأوراش الكبرى فيما يلي :
أولا: التنزيل الفعلي للمقتضيات الدستورية وذلك بالارتكاز على البعدين التاليين :
البعد الأول: يتمثل في إصدار التشريعات القانونية التي حددها الدستور، و التي بموجبها يمكن فهم وتفعيل مضامين الدستور كاملة ، لأن الدستور يحدد المعالم الكبرى والمبادئ الأساسية لمختلف القوانين والأنظمة والتشريعات.
البعد الثاني : يتمثل في الحرص على استكمال تشكيل المؤسسات الدستورية المنصوص عليها في دستور يوليوز2011  ( المجلس الأعلى للأمن، المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المحكمة الدستورية  ).
فعلى الحكومة أن تتبنى مخططا تشريعيا مفصلا يأخذ بعين الاعتبار الأولويات التشريعية وخصوصيات الظرفية الراهنة، و يعمل على تطبيق وتفعيل المضامين الدستورية وفق برمجة زمنية واضحة.
ثانيا : محاربة الفساد الذي ينخر كيان الاقتصاد الوطني ويحرم الخزينة العامة من عائدات مهمة.
فمحاربة اقتصاد الريع  (نظام المأذونيات والامتيازات  ) ، والقطع مع كل مظاهر الفساد المتمثلة في الرشوة و الزبونية والمحسوبية والترامي على أملاك الدولة والتهرب الضريبي، وإرساء مبادئ النزاهة والشفافية وسيادة القانون  (الانتقال من منطق عفا الله عما سلف إلى منطق لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها  )والمنافسة الشريفة، إجراءات يمكن أن تحسن مناخ الأعمال وتجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية وتضمن التحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية.
ثالثا :إصلاح صندوق المقاصة ، فقد أصبح هذا الصندوق في السنوات الأخيرة يشكل عبئا ثقيلا على الدولة ويهدد توازناتها الماكروقتصادية مما يحتم على الحكومة إجراء إصلاحات جذرية ومعمقة على هذا الصندوق وفق رؤية استراتيجيه ترسخ السلم الاجتماعي وتحمي القدرة الشرائية للمواطنين.
وتجدر الإشارة إلى أن احد أهم أسباب الثورة المصرية يكمن في أن جمال مبارك بدأ في توجيه اقتصاد البلاد إلى «نيو ليبرالية» على النمط الأمريكي، وأراد أن يلغي جميع أصناف الدعم والمساعدة التي كانت تقدمها الدولة للفقراء، في حين أن معظم الدول العربية غير مؤهلة لتبني هذا الاختيار الاقتصادي نظرا لاتساع الفوارق الاجتماعية بين مختلف الطبقات .فكل مغامرة من هذا القبيل ستكون بمثابة إعلان حرب على الطبقات الهشة والفقيرة ، فالحذر كل الحذر من ثورة الجياع .
ويمكن أن ينطلق إصلاح صندوق المقاصة من مسلمتين اثنتين:

رابعا: إصلاح أنظمة التقاعد و التي تمر بمرحلة حساسة في ظل المخاوف المتنامية من حدوث إفلاس كبير يهدد مستقبل الأجيال اللاحقة. هذه الوضعية تفرض على الحكومة الحالية تنفيذ إصلاحات عاجلة وفورية تخرج وضعية أنظمة التقاعد من النفق المظلم دون الإضرار بمكتسبات الشغيلة.
خامسا: الاستفادة من الظروف الإقليمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وذلك لجذب الاستثمارات الهاربة من بؤر الصراع والاضطراب فمعظم الشركات العالمية غادرت الشرق الأوسط بحثا عن ملاذ آمن لاستثماراتها. مما يفرض على الحكومة المغربية توظيف كل الإمكانيات المتاحة  (إشهار، معارض علاقات…. ) للاستفادة من الظروف الدولية الحالية.
سادسا : إصلاح المنظومة التربوية ، وذلك بمراجعة الاستراتيجيات و المخططات التربوية المعتمدة، وكذا الآليات و الوسائل و المقاربات الإصلاحية المتبعة، من خلال نهج سياسة تعليمية تربط المسؤولية بالمحاسبة، و ترسخ مبادئ الجودة والشفافية وتكافؤ الفرص في الاستفادة من الخدمات التربوية التي تقدمها المدرسة العمومية. وكذا تثمين العنصر البشري  (الطاقم التربوي )، عبر إعادة الاعتبار له و تحفيزه ماديا و معنويا لأن العنصر البشري هو مفتاح كل رؤية إصلاحية .
باختصار شديد على الدولة أن تتعامل مع قطاع التعليم كأولوية وطنية بعيدا عن الشعارات الجوفاء والحسابات السياسوية .
سابعا: مما لاشك فيه أن هناك إجماع وطني حول أزمة القطاع الصحي و تردي الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية، وصعوبة الولوج للعلاج وتفاقم مشاكل مهنيي القطاع، هذا الوضع الكارثي يفسر بضعف البنيات وتقادم الأجهزة والمعدات الطبية، وعدم مواكبة هذه البنيات للتطور الديمغرافي الذي عرفه المغرب وغياب الحكامة الجيدة في تدبير هذا القطاع الحساس.
صحيح أن مشروع “راميد”شكل فرصة أمام فقراء البلد من أجل الاستفادة من العلاجات الطبية، لكن العراقيل والمشكلات المزمنة السالفة الذكر تحول دون تحقيق الأهداف المسطرة .
فعلى الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها كاملة وتستجيب لانتظارات المواطنين،لأن الشعب يريد أفعالا لا أقوالا .

  1ضرورة الاستمرار في دعم السلع الأساسية وحماية القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والهشة.

2ضرورة استرداد أموال الدعم التي تستفيد منها الشركات الكبرى والطبقات الميسورة.


ذ.رضوان قطبي

باحث في التواصل السياسي

www.maarifpress.com

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads