صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

بشار الأسد استعمل سلاح كيماوي لابادة الشعب السوري

هل يمكن أن يقع هذا؟ في القرن الواحد والعشرين؟ وعلى مبعدة بضع مئات الكيلومترات عن المكان الذي أكتب فيه هذه المقالة؟ هل يمكن أن يكون طاغية جارٌ لا يردعه شيء قد استعمل قبل بضع ساعات سلاحا كيميائيا موجها على أبناء شعبه، الذين انتفضوا في ريف عاصمته على استبداده؟ وهل يمكن في هذا الصيف الرائع ان يكون مستبد عربي قد قتل نساءً واولادا عربا بالغاز؟ ترفض العين أن تُصدق الصور التي يبثها الآيبود. ولا يستوعب العقل التقارير الاخبارية التي ينقلها الآيفون. فبعد أن كُسر حظر استعمال المدافع على المدنيين، وبعد ان كُسر حظر استعمال المروحيات على المدنيين، وبعد ان كُسر حظر اطلاق الصواريخ على المدنيين كُسر كما يبدو ايضا حظر استعمال السلاح غير التقليدي.
على حسب ما تنقل التقارير، يقتل العربُ العربَ بسلاح كيميائي غير بعيد منا، في دمشق تلك التي أردنا صنع سلام معها.
صحيح أنه قد قُتل في سورية أكثر من 100 ألف انسان. وتنزف جارتنا الشمالية منذ سنتين، كما لم ينزف الاسرائيليون والفلسطينيون في مدة 100 سنة صراع. وقد وقعت حادثة كيميائية في الماضي لم يشأ العالم ان يعلم بها في الحقيقة. ووقعت كما يبدو حوادث كيميائية اخرى لم يشأ العالم أن يعلم بها ايضا. لكن من المحتمل كثيرا الآن أن تكون حادثة كيميائية مخيفة لم يسبق لها مثيل قد حدثت شرق دمشق.

اذا كان ذلك قد حدث حقا فان بشار الاسد قد تجاوز الخط الاسود، واذا كان ذلك حقا فان الربيع العربي قد تجاوز الخط الاسود. وقد تحولت الانتفاضة العربية المجيدة، التي حملها الغرب على راحتيه الى واقعة من أحداث آخر الزمان تُحدث واقعا من أحداث آخر الزمان.
لم يعد الانسان النزيه يستطيع ان يتجاهل ما يحدث، ولا يستطيع عالم يُفترض ان يكون عالما متنورا ان يصم اذنيه. ومن يوم الى آخر يصير للحرب الأهلية في سورية ذاك المعنى المثير للقشعريرة الذي كان للحرب الأهلية في اسبانيا. فهي تبشر بنهاية عصر، وهي ترسم خطوط صورة العصر الجديد الذي سيحل محله.
لا يؤتى بضحايا أبرياء فقط ليُدفنوا في دمشق، بل يؤتى ايضا بمصطلح القومية العربية المتنورة ليُدفن. ولا يُدفن اليوم في دمشق الأبرياء فقط، بل الأمل في وجود غرب ذي ضمير. ويُدفن في دمشق اليوم اولاد يبدو أنهم أُميتوا بغاز، ونساء يبدو أنهن أُمتن بغاز، وفكرة مجتمع دولي ووهم قانون دولي.
اذا كان يمكن قتل مواطنين بغاز في سنة 2013 فهذه نهاية العالم. إنها نهاية العالم الذي ادعى أنه أخلاقي، ونهاية العالم الذي ادعى أنه مستنير ونهاية العالم الذي طمح الى انشاء نظام دولي يقبله العقل ويكون الشرق الاوسط جزءً منه. إن كثيرين في الغرب وكثيرين في اسرائيل يحتقرون بنيامين نتنياهو، ولكن ما يجري في سورية في هذه الايام يبرهن على نفاذ تحذير نتنياهو من أن أكبر خطر يتعرض له سلام العالم في القرن الواحد والعشرين يكمن في الجمع بين سلاح غير تقليدي ونظم حكم غير تقليدية.
إن المجانين مجانين حقا. والبرابرة برابرة حقا. والمغول مغول حقا. وهكذا فان من يعفو عن المغول يتحمل مسؤولية مباشرة عن ان سلاحا ذريا يُبنى اليوم في ايران، وسلاحا كيميائيا يُستعمل اليوم في سورية، وسلاح يوم القيامة يهدد مستقبل الشرق الاوسط.
والذي يستخف بالخطر الذي ينطوي عليه المغول يتحمل مسؤولية مباشرة عن موت ضحايا الحاضر العرب وضحايا المستقبل الاسرائيليين والاوروبيين والامريكيين. وحان الوقت للتحرر من النسبية الاخلاقية والنفاق الحضاري العام والسلامة السياسية التي تمنعنا من أن نرى حيّنا السيئ كما هو.
إن صافرة استيقاظ فظيعة تُسمع الآن في دمشق. فهل سنسمعها؟ وهل يسمع العالم؟

معاريف بريس

www.maarifpress.com

آري شبيط
هآرتس 22/8/2013

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads