تتسارع الاحداث لتشكل معالم عالم جديد، موازين القوى تعيد التموقع .. بعض اقوياء الامس اصبحوا يتلاشون كضباب عاتم غير متضح الرؤية .. و الكل يعيد ترتيب اوراقه استعدادا لعهد جديد .. انه عهد ما بعد كورونا .. انه عهد ما بعد اقتصاد البترول .. انه عهد الثورة الرقمية و الثورة الصناعية الثالتة ..
المغرب يكرس تموقعه كقوة اقليمية ، بل و يحصد اليوم تموقعه كقوة متعددة الاقليمية بحكم انتمائه المتميز لمجموعة من المنظومات السياسية و الاقتصادية :
-المغرب ينتمي بشكل متميز للمنظومة الافريقية -المغرب ينتمي بشكل متميز للمنظومة العربية
-المغرب ينتمي بشكل متميز للمنظومة الاوروبية ان المغرب يستوعب جيدا التحولات الكبرى اللتي تحدث في العالم الآن و اللتي تحمله الى موقع اكثر ريادة في العالم الجديد لما بعد كورونا، فأين هي دول الجوار من هذه التحولات ؟!!؟؟!!
إن القطار الذي يمضي لن ينتظر من يتأخر عن الموعد، و لن ينتظر من الدول العربية ان تستوعب ما يجري من تحولات .. و لن تنتظر من الدول العربية ان تستوعب ان اصدقاء الامس لم يعودوا قادرين على حماية مستعمرات الأمس ..
القطار الذي يمضي الآن و الذي يستقله المغرب كراكب في الدرجة الاولى ، ينتظر من العالم العربي ان يستفيق و يستوعب انه آن الاوان لتغيير المحطة .. و تغيير الوجهة .. و تغيير الحقيبة .. و تغيير رفقاء السفر ..
المغرب الآن يعطي درسا استباقيا للعالم العربي، فهل يستجيب الذكاء العربي ؟!!! هل يستفيد العالم العربي من الدرس المغربي، و يدرسه حق دراسته ؟! و يفهمه حق فهمه ؟! و يكرسه جهده على كراسته المستقبلية ؟!! ام ان العالم العربي سيبقى متحجرا في ركنه يردد خطابات بالية ، ثم يستفيق بعد تلاثين سنة ليندم على اخطاء الماضي المتكررة .. و كأنه عالم محكوم عليه ان يظل التاريخ فيه يكرر نفسه مرارا و تكرارا ..
منذ خمسين سنة ، قررت جارتنا الجزائر و معها ليبيا آنذاك ان تنخرط في ايديولوجيات الثورية الشيوعية ..في حين انخرط المغرب في النهج اللليبرالي.. و التاريخ حكم و نطق قاضي الزمن بالحكم بعد خمسين سنة..
منذ سنة 2011 انخرطت الشعوب العربية في ثورات عشوائية عادت بها سنوات الى الوراء، و دمرت القليل من المكاسب اللتي فازت بها دول مثل تونس و سوريا لا زالت عاجزة عن تجاوز مخلفات الانقلاب..
في ذلك الحين التحم المغرب ملكا و شعبا و صرخوا بأقوى اصواتهم لأشقائهم العرب ان يتعقلوا .. و أن الثورات لا تقاس بالخراب و الموت و الدمار و لكنها تقاس بالمكتسبات و التشييد..و مرة اخرى بعد عشر سنوات .. قضى حكم الزمان حكمه ..
منذ النكسة العربية و حتى قبل النكسة ، اتخذ المغرب موقفا مختلفا من القضية الفلسطينية ، فاعتبره العرب خائنا و عميلا و و و .. و لكن التاريخ مرة اخرى يشهد على نجاعة المواقف الإستثنائية للمغرب و المغاربة ..
المغرب و المغاربة يؤمنون بالنجاعة كمبدأ ، و لم يكونوا ابدا شعوبا للخطابة .. و لم يكن ابدا من السهل اللعب على عقولهم بالعواطف و بالكلمات.. المغربي لا ينصاع إلا للغة العقل و المنطق ، و يعرف جيدا اين توجد مصالحه و كيف يحافظ عليها .. هذا هو المغرب و هذا هو المغربي … و هذا هو الدرس المغربي للعالم العربي .. و هذا هو نداء المغرب اليوم مرة اخرى للعالم العربي ، فهل من مجيب … عشتم .. و عشنا.. و عاش الوطن ! اسماء علالي ،
معاريف بريس
Maarigpress.com
19 دجنبر 2020