معاريف بريس – أخبار وطنية
عزيز اجهبلي
من القضايا التي يستأثر بها اهتمام العديد من مكاتب الدراسات، ومراكز البحث ومختبرات أكاديمية وعلمية وهيئات للحكامة، في العالم كما في المغرب، وتصدر حولها بارومترات، وتصدر بشأنها تقارير، تكشف عن نسبة ومنسوب الثقة التي يضعها المواطنات والمواطنون في المؤسسات العمومية والخاصة. ومن بين الجوانب المحددة، في تقديري، لهذه الثقة، مدى التفاعل والتجاوب مع مطالب وتطلعات هؤلاء المواطنين. لكن الغريب في الأمر أن بعض المؤسسات التي يمتزج فيها الخاص بالعام تغرد خارج السرب، وتخرج عن هذه القاعدة، وتضرب مبدأ الثقة بعرض الحائط، وتنتهك حقوق المواطنات والمواطنين في واضحة النهار، ولا تهمها لومة لائم، ويذهب بها الوهم إلى اعتبار نفسها فوق القانون.
مؤسسات إعلامية تستفيد من المال العام، تحرم صحافييها من منحة العيد، وترمي بهم في الهاوية، بحيث لا يجد زملاؤنا ما يقدمونه وما يؤخرونه. في المقابل نشاهد هؤلاء المسؤولون عن هذه المؤسسات الإعلامية وراء الميكروفونات في التلفزيون وداخل البرلمان، بمجلسيه، يتحدثون إلى العامة والخاصة، مطمئنين لوضعهم، مستعملين خطابا تفوح منه رائحة الديمقراطية والدفاع عن المستضعفين.
بعض المسؤولين في هذه المؤسسات، كادوا يمتنعون عن تقديم واجب منحة العيد، وعادوا إلى جادة الصواب بعد أن تحركت أرقام الهواتف. والبعض الآخر من هذه المؤسسات تأخرت عن أداء الواجب، ولم تصرف منحة العيد إلا بعد مرور ما يقرب من اثني عشر يوما. وهو سلوك في الحقيقة لا يعير مبدأ الثقة أي اهتمام، وبدأ البعض يلقي بالمسؤولية على البعض الآخر داخل هذه المؤسسات، على أن مدير الموارد البشرية لم يخبر كبير مسؤولي الجريدة بذلك.
يمكنكم أن تتصوروا عدد الصحافيين الذين منعتهم ظروفهم المادية من والواجب الديني، ولم يتوفقوا من تأدية شعيرة الأضحية. في مؤسسة واحدة تضم أكثر من عشرين صحافية وصحافي، ثمانية منهم، خانتهم المؤسسة التي يشتغلون لصالحها، وخانهم الأجر، ولم يتوصلوا بمنحة العيد، ولم يتمكنوا من شراء الأضحية، والصحافيون الباقون قضوا يوم العيد مع عائلاتهم خارج المدن التي يسكنونها. فعلى من ذنب هؤلاء؟
داخل المؤسسة التي نتحدث عنها، لازالت الأجور محدودة بين 3000درهم و5000درهم فقط، دون تفعيل الزيادة الأخيرة المحددة بناء على الاتفاق الاجتماعي. والأدهى من ذلك، حتى الفارق لتكملة الحد الادنى للأجر طبقا لما هو منصوص عليه في الاتفاقية الجماعية لسنة 2005 لم يتم الالتزام به، وبقيت الأجور مجمدة، وإدارة هذه المؤسسة اخلت بمسؤوليتها حيال الصحافيين.
في قضية أجور الصحافيين، لا بد من وقفة لحسم الأمور، لأن الصورة لازالت غير واضحة ويشوبها نوع من الضبابية. فلدينا اتفاقية جماعية، يجب نفض الغبار عنها لأنها عمرت عشرين سنة، كانت قد حددت الأجر الأساس في 5800 درهم، منذ كانت سومة الأضحية من الحجم الكبير لا تتعدى 1500 درهم، وكان ثمن الكيلوغرام الواحد من السردين لا يتعدى 3 دراهم، مثله مثل الطماطم والبطاطس وأنواع أخرى من الخضر. أيضا، قد اعتمدت هذه الاتفاقية وقت كان ثمن الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء في حدود 60 درهما. في حين الجميع، حاليا، على علم بالارتفاع الصاروخي لأثمان اللحوم والزيوت العادية وغير العادية، وكيف تضاعفت أثمان المحروقات، وكأن الأزمة الروسية الأوكرانية لها علاقة بأثمان المواد الاستهلاكية والمحروقات، ولا علاقة لها بأجور الصحافيات والصحافيين، أو كأننا نعتمد الدرهم كعملة في الأثمان والأسعار في المقابل نعتمد جبر الخواطر والنوايا والعلاقات الطيبة والأخوة والقرابة عملات في أجور الصحافيات والصحافيين.
إذن من القضايا التي يجب الحسم فيها، والامتثال إلى ما نص عليه الاتفاق الاجتماعي الذي رعته وزارة الثقافة والشباب قطاع الاتصال، وأشرفت على توقيعه ما بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية المغربية للإعلام والناشرين، والذي قضى بزيادة 2000 درهم في الأجر الشهري للصحافيات والصحافيين على دفعتين، على أن يتوصلوا بالدفعة الثانية في الشهر الماضي، وبزيادة ألف درهم في الأجر الشهري للعاملين والعاملات على دفعتين أيضا.
الملاحظ أن هناك تلكؤا فاضحا لعدد من المؤسسات، إلى درجة أن البعض منها لم يصرف ولا مليما من هذه الزيادة، وهناك البعض الذي طالب بالسند القانوني لها، ليتضح الأمر أن كل المبررات شكلية والقصد منها الامتناع عن الدفع لا أقل ولا أكثر.
لا بد للوزارة أن تقول كلمتها، وأن تتحمل المسؤولية في إلزام هذه المؤسسات للانضباط إلى القواعد والقرارات، ولا تترك لها الفرصة لتدرك هذه المؤسسات جيدا مسؤوليتها ودورها في بناء المغرب الديموقراطي، وإلا ستكون خارج التاريخ في يوم ما. الوزارة عليها أن تضع شرط الاستفادة من المال العام بالزيادة في أجور العاملين بها طبقا لما هو منصوص عليه في الاتفاقية الجماعية الجديدة المفتوح بشأنها نقاش بين الأطراف المعنية.
عزيز اجهبلي
معاريف بريس /Htpps://maarifpress.com