تشكل الممرات القريبة من ثانوية المتنبي التأهيلية بإنزكان مسارا يوميا للمتعلمات و المتعلمين في تنقلهم اليومي للدراسة، يصرح التلميذ “يونس زايد” برصده الدائم لانتشار النفايات و الدور العشوائية بمناطق قريبة من ضفاف وادي سوس رغم تواجد استغلاليات زراعية و نشاط لتربية الماشية، فيتبادر إلى ذهنه سؤال ” لماذا يضم هذا المشهد عناصر طبيعية و بشرية متناقضة ؟ ” ، سؤال تستدعي الإجابة عنه البحث الميداني لرصد أهمية هذا الموقع إيكولوجيا و تشخيص الإشكاليات البيئية التي يواجهها و كذا التعرف على الحلول الممكنة لمواجهتها.
يعتبر مصب واد سوس واحدا من أهم مواطن التنوع البيولوجي بالمغرب خاصة و المغرب الكبير عامة ، يقع بالحدود الشمالية للمنتزه الوطني سوس ماسة و يصنف ضمن المناطق الرطبة ( حسب اتفاقية رامسار للحفاظ و الاستخدام المستدام للمناطق الرطبة) ذات أهمية كبرى باعتبارها ملاذا لأكثر من 70 نوع من الطيور المائية (من أمثلتها النحام الوردي، أبو ملعقة الأبيض، أبو مغيزل، اللقلاق الأبيض ، أبو قردان …) كما يشكل المصب محطة لحوالي 2000 طائر من الأنواع المهاجرة القادمة من أوربا عبورا بالمغرب في اتجاه جنوب القارة الإفريقية.
يصرح السيد “عبد الله الحميد” ( المسؤول عن مكتب الحماية و التربية المتعلقة بالبيئة – المنتزه الوطني سوس ماسة) أن مصب واد سوس يشكل موقعا متميزا، فإلى جانب الغنى الطبيعي الحيواني نجد تنوع أصناف النباتات بالمصب بين فصيلة “الرمراميات” التي تتفرع أغصانها و تتباين في درجة تحملها للملوحة، و “الأوكاليبتس” التي يتواجد بالأوساط الرملية (الكثبان) و تتميز بأوراقها الخضراء الداكنة و شعبيتها التي تعود لرائحتها المميزة و جذوعها القوية، إضافة إلى فصيلة “الطرفاويات” و”النجليات”(كالقصب) التي تنمو بالأوساط المالحة.
يعرف هذا الموقع ضغطا متزايدا من قبل الأنشطة المختلفة للإنسان حيث تشكل المناطق القريبة من مصب واد سوس مجالا للاستغلال الفلاحي الذي يتنوع بين أنشطة زراعية تقليدية معيشية لا تحقق الاكتفاء الذاتي كزراعة النعناع ، و نشاط تربية الماشية الذي يتأثر بجودة الأراضي المستغلة و التي أصبح جزء كبير منها مطرحا للنفايات و مخلفات مواد البناء، خاصة في ظل الزحف العمراني العشوائي الذي يشكل انعكاسا للنمو الديمغرافي السريع، زد على ذلك مشكل الاستغلال غير القانوني للمقالع الرملية و التي تترك حفرا قد تشكل خطرا على مرتادي هذا الفضاء.
و يشكل تصريف المياه العادمة بمصب واد سوس إحدى الإشكاليات البيئية التي تؤثر على جودة المياه و التنوع البيولوجي بهذا المجال، و يرجع ذلك ، حسب فاعلين محليين، إلى عدم صيانة قنوات الصرف الصحي بشكل دائم و كذا غياب حلول كفيلة بمعالجة هذه المياه ارتباطا بضعف أداء محطات المعالجة.
و في سياق طرح الحلول الكفيلة بتجاوز هذه الإشكاليات البيئية ، يشير السيد “عبد الله الحميد” إلى أن المنتزه الوطني سوس ماسة ينظم خرجات دورية بشراكة مع فاعلين محليين في إطار تعزيز التربية البيئية، حيث يستفيد تلاميذ المؤسسات التعليمية من زيارة تمر عبر مدار تربوي يمتد على طول كيلومتر تقريبا على الضفة اليمنى لمصب واد سوس ، و يشتمل على 7 وقفات يتعرف من خلالها الزوار على مكونات الوسط الطبيعي بهذا الموقع مع التركيز على أصناف الطيور و خصائص النباتات التي تساعدها على التكيف مع هذا الوسط.
كما تخطط السلطات المحلية بعمالة إنزكان أيت ملول للتعامل مع الفيضانات المتكررة التي تعرض المساكن المجاورة للخطر عبر مشاريع عدة، كما تسعى بشراكة مع القطاع الخاص لتطوير الضفة اليمنى لوادي سوس(مشروع تهيئة ضفاف واد سوس) في اتجاه المصب، عبر إقامة مناطق استراحة ومسارات للدراجات ومسارات للركض خاصة و أن هذا الفضاء يعتبر متنفسا لساكنة المنطقة و مجالا لممارسة الأنشطة الرياضية.
و اقترحت عدة مبادرات طموحة من طرف السلطات الإقليمية و المجالس المنتخبة و جمعيات المجتمع المدني لتنمية و تثمين هذا الفضاء و جعله فضاء إيكولوجيا متميزا تستفيد منه الساكنة، لكن ينبغي أن يشارك الجميع لتجاوز مرحلة الاقتراح إلى مرحلة التفعيل عن طريق الوعي بأهمية هذا الموقع و حماية تنوعه البيولوجي
تقرير صحفي من إعداد:
خديجة بنطالب – يونس زايد
نادي الإعلام و الصحافة – ثانوية المتنبي التأهيلية – المديرية الإقليمية إنزكان أيت ملول