صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

البشير بين سندان الداخل و مطرقة الخارج

 

 

كانت بداية عامنا الحالى ساخنة بين أقطاب و قوى السياسة بالسودان، و أكثر سخونة من أعوام كثيرة سابقة، حتى اتهم علنا حزب المؤتمر الشعبي الإسلامي المعارض بالسودان من سماهم بمجموعة ” نافع ” داخل المؤسسة الأمنية بتغيير موقف الرئيس في الساعات الأخيرة قبل خطابه الذي وجهه للأمة السودانية ببداية العام الحالى، كما أتهم وقتها التيار الأمني المحسوب لمساعد الرئيس السابق ” نافع علي نافع ” والذي أطاح به الرئيس في حركة التغييرات الأخيرة من قبل العديد من القيادات الحزبية البارزة بانه ما زال يحكم بقبضته بكل قوة في دائرة صناعة و أتخاذ القرار داخل الحكومة والحزب أيضا .


و جاء و قتها الرد من حزب المؤتمر الشعبي بتمسكه بخيار إسقاط النظام عبر التعبئة الجماهيرية و تنظيم المظاهرات الحاشدة و الاعتصامات، واعتبر أن حالة الإحباط التي خلّفها خطاب الرئيس زادت من قوة التعبئة ضده، مؤكداً أن النظام أضاع كل الفرص التى أتيحت له، و لم يبقى لهم أى خيار سوى أسقاط هذا النظام بعد أن أثبت النظام أنه لا يملك الاستعداد للسير في اتجاه حل الأزمة السودانية.


و كان الرئيس السوداني ” عمر البشير ” وعد الرئيس الأمريكي الأسبق ” جيمي كارتر”خلال زيارة الأخير للسودان أستغرقت أربعة أيام بشهر يناير من عامنا الحالى بإجراء خطوات مهمة تبعاً لتغييرات بدأها الرئيس بالإطاحة بكبار قادة الإسلاميين، و أنه مقبل على خطوات هامة لارساء و ترسيخ أسس الديمقراطية بالبلاد، و روج و قتها الإعلام الرسمي لهذا الخطاب باعتباره خطابا تاريخياً، وسربت العديد من التسريبات والمعلومات مفادها أن ” البشير ” سوف يعلن تشكيل حكومة انتقالية .
و تذمر وقتها العديد على مضمون خطاب الرئيس ” عمر البشير ” لما يحمله من كلام عمومى أغلبه فى المطلق و ليس محدد، بجانب ما تم من إغفال للقضايا الأساسية التى تحتاج اليها الدولة وعلى رأسها توفير المناخ الديمقراطى و الحريات، و إنشاء مجلس قومي للسلام، و إعداد دستور بآليات وطنية، والالتزام بشفافية و نزاهة الانتخابات المقبلة .

و بعد هجوم من القوى المعارضة رد وقتها القيادي بالحزب الحاكم حزب المؤتمر الوطنى و رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان ” محمد يوسف عبد الله ” عن وجود تيار ممانع داخل المؤتمر الوطني لخطوات الاصلاح التى يعتزم ” البشير ” المضي فيها، و على رأس هولاء  المؤتمر الشعبي، و حزب الامة القومي، و الاتحادي الاصل، وتيار الاصلاحيين، و بقية القوي السياسية خلافاً للحزب الشيوعي و تحالف المعارضة . كما أشار ” محمد يوسف عبد الله ” عن أهمية تحرك كلا من ” الترابي”  و ” الصادق ” و الرئيس ” البشير ” للحوار مع الحزب الشيوعي والتحالف و ما يخص حملة للسلاح من اجل ضمان أستقرار أوضاع البلاد .  فالرئيس ” البشير ” وضع الكورة فى ملعب الاحزاب لتقديم رؤيتها و مشاريعها فى القضايا التى طرحها . و بات الجميع فى موقع التربص بالاخر .
و على الوجه الثانى من عملة حزب المؤتمر الوطنى بات الامين العام لحزب المؤتمر الشعبى ” كمال عمر عبد السلام ” يعقد كل العزم على طي صفحة ” البشير ” تماما بعد أن أضاع الرئيس كل الفرص أمام السلطة و المعارضة كما قال ” كمال عمر ” و أن موقفهم الثابت يتمثل في إسقاط النظام، وإقامة وضع انتقالي كامل، فالامين العام لحزب المؤتمر الشعبى يرى فى خطاب ” البشير ” أن المؤتمر الوطني دق أخر مسماراً في نعش مستقبل الحوار مع القوى السياسية، خاصة بعد أتخاذ ” كمال عمر ” قرار بمقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة .

و هو نفس الامر مع حزب الأمة القومي الذى يرى إن المخاطر التى تواجه السودان حاليا لا تسمح بالحديث عن عموميات ولا بحوارات في زمن مفتوح، بل تتطلب إجراءات جذرية مُحددة نحو نظام جديد يقيم دولة الوطن بدل دولة الحزب الحاكم . كما يلتزم حزب الأمة بتفاصيل مبادرته التى تقدم بها من قبل بعد أعداد ورقة عمل تأخذ في الحسبان أفكار و آراء القوى السياسية الآخرى المدنية والمسلحة باعتبارها تجسيداً محدداً لمطالب الشعب السودانى المشروعة، و حال تجاوب النظام الحاكم مع ورقة العمل ستكون خريطة طريق لمستقبل السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل المنشود، وأن الخيار الآخر أن تصير ورقة العمل بوصلة للنضال التعبوي والحركي لتحقق أهدافها بكافة الوسائل باستثناء العُنف .

و أكد الحزب الشيوعي السوداني، أن السطو على السلطة بإنقلاب عسكري، ومواصلة البقاء بتزوير الإنتخابات وبالقمع والرصاص، والسعي لتوسيع القاعدة السياسية والإجتماعية للنظام لن يقود إلى تغيير موازين القوى السياسية والإجتماعية القائمة في المجتمع . كما قال الحزب في مؤتمر صحفي له إن الأزمة زادت استحكاماً لتدهور في قيمة الجنيه السوداني، وعجوزات الموازنة السنوية بعشرات المليارات، وتقارير الأمم المتحدة للعام 2013م التي أشارت إلى أن أكثر من 90% من سكان السودان تحت خط الفقر، و ثلاث ملايين نسمة على أعتاب المجاعة، كما أتهم الحزب الشيوعى الحزب الحاكم بمواصلة تكتيك حماية نفسه بخلق التوترات و النزاعات السياسية و الاعتداء على هامش الحريات . ودعا بيان الحزب إلى عقد مؤتمر قومي بمشاركة كل القوى السياسية، على أن تتولى قيادة تحضيره لجنة من شخصيات وطنية مستقلة، لتقديم مطالبهم و على رأسها أنشاء حكومة قومية انتقالية لتنفيذ برنامج محدد في الفترة الإنتقالية، إيقاف سياسات الحرب الداخلية وحل أزمة دارفور وتفكيك الشمولية ودولة الحزب الواحد، وإنجاز عملية التحول الديمقراطي بكفالة الحريات السياسية و الصحفية و  النقابية و العمالية، و إلغاء المحاكم والأحكام الصادرة للمشاركين في أحداث سبتمبر و أكتوبرعام  2013م، وإطلاق سراح المعتقلين ونشر نتائج التحقيق في واقعة إطلاق الرصاص على الاحتجاجات الجماهيرية و قتها .

 

و الان يسعى حزب المؤتمر الوطني فى تهيئة المناخ السياسى و خلق حالة من الاجماع و التوافق و خلق ارضية مشتركة للمرحلة المقبلة، مع نفى وجود أى صفقات سرية بين الرئيس وقيادات تلك الاحزاب تمهيدا لانتخابات 2015م . مع القوي السياسية للعمل سوياً على انجاز الدستور، فأن اتفاق كل الاطراف فى هذا الامر يمهد لتقديم الرئيس البشير لتنازل متروك لحينه، فالدخول لمرحلة الانتخابات المقبلة يحتاج لضمانات اولها بيد الشعب السوداني وحده  .

حقيقة الامر لو دققنا النظر فى تصريحات ” عمر البشير ” التى تختص بالشئون الخارجية للسودان، و الوضع السياسى الداخلى و أطار علاقات دائرة الرئيس بما حولها من القوى و التحالفات السياسية سنرى جيدا وضع ” البشير ” الواضح بين مطرقة سياسيين و اصوات الداخل التى منها واقعى يطلب ما يحتاجه السودان و شعبها النبيل كمطالب تختص بالتنمية و العدالة و غيرها، و أصوات أخرى مؤدلجه كانت سبب فى كارثة أنفصال الجنوب تطالبه بأحتلال حلايب و شلاتين و تصب العداء تجاه دول الجوار و بالتحديد مصر، و تتفاخر بأستمرار دعم ” عبد الحكيم بلحاج ” كبير أرهابي ليبيا أملا فى أن يكون لهم حصة فى حكم ليبيا مع قطر و تركيا، و ربما يطلبو غدا من ” البشير “عبور البحر المتوسط و أحتلال أوربا،  و بين مطرقة الخارج سواء فى علاقاته بالدول المحيطة، أو إملاءات و تعليمات التنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمون، خاصة ما يخص الشأن المصرى و الوضع المتأزم بليبيا، فلا يغفل على أحد أن ” البشير ” فى حيرة شديدة بين نيران الداخل و الخارج و بين أرضاء القوى السياسية الداخلية بقدر المستطاع و حسابات المعادلات المعقدة و المواءمات السياسية و الدولية مع الاطراف الهامة بالاقليم و دول الجوار، و لكن هل تلك السياسة ستكون مناسبة مع تفاقم الوضع السياسى الداخلى و المتغيرات المحيطة بالسودان، و علاقاتها بدول على حساب أخرى، و ما ينبئ به العام القادم من أحداث سياسية هامة على السودان كالانتخابات الرئاسية القادمة المقرر إجراؤها فى ابريل 2015م، فالرئيس ” البشير ” اليوم كمن يسير على حبل فى الهواء، و يحاول بقدر المستطاع مسك العصا من المنتصف و حفظ التوازن بكل الاتجاهات .

 

 www.maarifpress.com

فادى عيد

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads