و قضايا
الحوار المغشوش أو هكذا تكلم عبد الله العروي عن المسألة الأمازيغية بالمغرب (1) (من منظور بلاغة الحوار)
ادريس جـبـري
«…لكن الحوار يفترض أولا (حسن النية)، وإرادة التفاهم، ويفترض قبل كل شيء فكرة الاعتراف بالآخر، الاعتراف بحقه في الوجود، والاعتراف بحقه في الحياة وبحقـه في التميز والاختـلاف، لا الاعتراف فقط بالتفوق وبحق الأقوى والأغنى والأعلم في فرض رؤيته على الآخر. الحوار الحقيقي ينطلق من مسلمة أساسية هي مسلمة التساوي في الوجود وفي الحق». محمد سبيلا:»الحوار بين الثقافات: العوائق وشروط الإمكان أولا – العروي ومغامرة الكتابة السياسية بالمغرب لقد رصد الأستاذ العروي في كتابه الديوان مجموعة من المفاهيم السياسية ذات المضمون التقليدي التي قامت عليها «الدولة» المغربية، عبر سيرورتها التاريخية، ومارست بها السياسة، وساهمت، إضافة إلى عوامل أخرى، بقدر وافر في «البؤس» السياسي الذي يعيشه المغرب في العقود الأخيرة من تاريخه، ودرجة الانحطاط والتبخيس الذي يجتازه العمل السياسي والحزبي في الآونة الأخيرة. وهي المفاهيم التي ارتأى الأستاذ العروي أن يعرضها على مشرحة النقد والتحيين، ويقترح إزاءها مفاهيم سياسية ذات مضامين حداثية، في أفق بناء دولة ديمقراطية حقيقية، تقوم على المواطنة واللامركزية، من مدخل اعتماد آلية التأويل الديمقراطي (الديوان، 121/153)، على مختلف المستويات. وهكذا، ستنصرف هذه الدراسة إلى فتح حوار مواز حول المسألة الأمازيغية بالمغرب مع الأستاذ العروي، وإن كنا نعتبره، منذ البدء، حوارا غير متوازن، ويحمل على الإذعان والتسليم، لقامة المحاور الفكرية، وخبرته الثقافية، ومراسه الأكاديمي، (حجية السلطة المعرفية)، وندعي، منذ الآن، أنه من ناحية غير متكافئ، وبالتالي «حوار مغشوش» ومن ناحية أخرى «حوار مدخول»، لاعتماده آليات متهافتة حجاجبا، لاعتبارات وحيثيات ستنجلي على امتداد هذه الدراسة. من تحصيل الحاصل القول إن الحوار نشاط إنساني تتفاعل فيه ذاتين أو أكثر، حول قضية من القضايا الخلافية، بغرض التأثير والإقناع؛ ولذلك يقع في صميم عملية التواصل بما هي سيرورة اجتماعية وثقافية متعددة الأبعاد والوسائط والغايات. فهو بمعنى من المعاني، بحث مشترك بين المتحاورين عن الحقيقة المحتملة، وبنائها، وفق شروط تخاطبية، وضوابط أدبية وأخلاقية محددة، تكفل مختلف التفاعلات الحوارية القائمة على الحق في الاختلاف، وضمن دائرة الحوار ومحيطه. إنه، بعبارات الأستاذ الباهي:»طريق لتعميق الرؤى وتطوير المفاهيم ومسعى لإدراك الحقيقة التي لا يحتكرها، أو ينفرد بها طرف دون سواه». (حسان الباهي:»جدل العقل والأخلاق في العلم»، ص:28.) يبدو أن الصحفي المعروف، الذي ذكره العروي في مستهل كتابه «الديوان»، أو بالأحرى ذلك «الصحفي المتخيل» الذي اختلقه الباحث، كما اختلق من قبله شعيب وإدريس، والمرأة الأمريكية المسلمة، في مختلف كتبه السابقة، هو مجرد تقنية للكتابة قد تسعفه لمعالجة تلك القضايا والإشكالات المؤرقة في المغرب، ومسلك من المسالك الممكنة لممارسة التحليل المعمق، والتبليغ الحر، والمعالجة الصارمة، باستحضار المرجعيات، وبناء المقدمات، حتى يكون الجواب عنها، وعن الصحفي المحتمل، وغيره، خاضعا لمنطق التاريخ، ومحكوما بتسلسل المنطق، وعبر آليتي الفحص والتأمل. |