صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

القضية خطيرة لكن الضرر طفيف

 

إذا كان بيان جهاز الأمن العام «الشاباك» من يوم أمس صحيحا، ومثلما لمح فيه ـ مسنوداً أيضاً إلى إفادة غونين سيغف نفسه، بأنه تجسس عن وعي في صالح الاستخبارات الإيرانية ـ فإن هذه هوة عميقة على نحو خاص تدهور اليها الوزير السابق، أعمق حتى من كل الحفر التي تمكن حتى الآن من الوقوع فيها.
إذا كانت هذه الامور صحيحة ـ ومحامو سيغف، كما تجدر الاشارة، يقولون انه يوجد في ما نشرته المخابرات مبالغة كبيرة، إلا أنهم لا ينفونها ـ فالحديث يدور عن بائس الروح أبدى لامبالاة مطلقة تجاه كل معيار، قانون، أخلاق وولاء.
ومع ذلك، وبعد قول هذه الامور القاسية، من الصعب الافتراض بأنه ألحق ضرراً ذا مغزى بأمن الدولة. فشخص أُدين بتجارة المخدرات الخطيرة ويعتبره المجتمع، وليس فقط جهاز القانون، كمن تجاوز كل خط أحمر، واصبح على الفور شخصية غير مرغوب فيها.
ليست صدفة أن غادر سيغف إسرائيل وعاش في الخارج. فقد كان يعرف بأنه سيكون من الصعب عليه جداً، ولا سيما بعد أن سحبت منه رخصة العمل في الطب، العودة للانخراط في منصب ذي مغزى في دائرة العمل في إسرائيل. أما في نيجيريا فأحد لا يعرفه، وحتى لو كان يعرفه، فليس مؤكداً أن هذا سيمنعه من القيام بالاعمال التجارية.
لا نقول هذا للتخفيف من معنى أفعاله لأن سيغف، حسب ما أفادت المخابرات ومن حديث مع مصادر مطلعة على القضية، اعترف في أنه عرف على مدى زمن طويل، سنوات على ما يبدو، بأنه عمل في خدمة الإيرانيين. بكلمات أخرى، لم تكن المخابرات هي التي أنارت عينيه وقالت له أن المحافل التي التقاها في السفارة الإيرانية، وبعد ذلك الإيرانيون الذين التقاهم في أماكن مختلفة من العالم بل وفي إيران أساساً، هم رجال استخبارات. من الصعب الافتراض بأن سيغف كان بريئاً لدرجة أنه صدق ما قيل عن أن هؤلاء العملاء هم رجال أعمال. ولكن حسب المخابرات فقد كان يعرف جيداً بأنهم رجال استخبارات وإذا لم يكن هذا بكاف، فإنه مشبوه بأنه حاول توريط رجال أعمال اسرائيليين آخرين في القضية حين عرضهم على الإيرانيين، في الوقت الذي عرض الإيرانيين كـ «رجال أعمال».
بقدر معيّن يمكن أن نجد تماثلاً بين حالة سيغف وبين حالة العقيد شمعون لفنزون، الذي عمل في خدمة المخابرات، الموساد والجيش ولكن تنقل من منصب إلى منصب عقب سلسلة حالات خلل وفي النهاية وصل إلى الأمم المتحدة، وفي 1983 عرض خدماته على جهاز المخابرات الروسية الـ «كي. جي. بي» وفي الحالتين كانت هذه حالة شخص محبط لم ينجح في إيجاد مكانه في إسرائيل وشعر بالمرارة الشديدة تجاه الدولة.
لفنزون الذي عُيّن حين كان جاسوسا مسؤول الأمن في ديوان رئيس الوزراء كانت لديه معلومات سرية كثيرة ليعرضها مما كان لسيغف، ولكن كان ، وبشكل عام ما تعرفه عنه الدائرة الداخلية لاسرائيل الصغيرة، حيث الكل يعرف الكل. فمثلاً، عن سياقات اتخاذ القرارات ومن صديق من.
يعمل جهازا استخبارات إيرانيان مركزيان ضد اسرائيل. الاول هو قوة القدس في الحرس الثوري، الوحدة الخاصة للحرس الثوري التي تعنى بمساعدة منظمات الإرهاب في الشرق الاوسط مثل حزب الله في التخطيط والتنفيذ للعمليات.
أما الجهاز الثاني فهو وزارة الاستخبارات الإيرانية، التي يمكن أن توازي الموساد بقدر ما. فالحديث يدور عن جهاز له فروع في كل العالم. هو الذي جنّد بعضاً من العملاء الذين عملوا في إسرائيل. كما كانت الوزارة هذه تعنى بنقل العقيد الحنان تننباوم، بعد أن أُغري للوصول إلى دبي لتجارة المخدرات، فخُدر وأُرسل بالبريد الدبلوماسي إلى زنزانة السجن لدى حزب الله في بيروت.
بين الجهازين توجد خصومة شديدة وتبادل للاتهامات القاسية. والمخابرات الاسرائيلية كانت تعرف منذ زمن إمكانية أن يكون سيغف قد جند واستغلت فرصة أنه رفض دخوله إلى غينيا وأوقف على الحدود كي تستخدم شرطة اسرائيل لتجلبه إلى معتقل في البلاد.
إن قضية تجنيد وتفعيل سيغف تظهر مرة أخرى بعض الاستنتاجات الهامة. الاول: الاستخبارات الإيرانية تعمل على نطاق واسع بهدف العودة إلى اسرائيل وجمع أوسع قدر من المعلومات عنها. ثانيا: «يطلق الإيرانيون النار في كل الاتجاهات»، على حد قول المخابرات الاسرائيلية. وهم يقصدون بأن الإيرانيين يجندون من يقع في اليد ـ من أهداف نوعية مثل سيغف وحتى جهات فلسطينية صغيرة أكثر ـ على أمل أن يحصلوا على كل ذرة معلومات. ثالثا: الإيرانيون، مثلنا، يرون أنفسهم في ذروة حرب ضد اسرائيل، ولهذا فإنهم يستعدون لتصعيد محتمل من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية.
الاستنتاج الرابع: تشديد نشاط قسم إحباط التجسس الإيراني في المخابرات يثبت نفسه والجهاز ينجح في الكشف عن مؤامرات إيرانية عديدة. والخامس: أنه فضلاً عن قضية تننباوم، لم ينجح الإيرانيون في تجنيد أي عميل ذي مغزى في إسرائيل. على الأقل حسب ما نشر حتى الآن.

 

معاريف بريس

رونين بيرغمن
عن يديعوت

maarifpress.com

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads